د. محمد أبو أحمد

هل يخفض البنك المركزي معدلات الفائدة ؟

الخميس 20 فبراير 2025 -09:15
يتوقع الكثيرون أن يتجه البنك المركزي المصري إلي تخفيف دورة التشديد النقدي بخفض معدلات الفائدة خلال العام الحالي 2025، خصوصًا مع بدء الانخفاض التدريجي في معدلات التضخم المحلية .

ومن المعروف أن البنك المركزي يحدد الأسعار الاسترشادية للفائدة بناءً على مؤشرات اقتصادية، مثل: معدلات التضخم، والعوائد، ومعدلات التشغيل، والتوظيف، والأوضاع الجيوسياسية الداخلية والخارجية، بينما تعتمد البنوك التجارية الخاصة على عوامل أخرى عدَّة، لتسعير منتجاتها ومن بينها تحقيق التوازن بين الأصول والخصوم من حيث الحجم والآجال وأسعار الفائدة، بحيث تتجنب المخاطر الناتجة عن تقلبات أسعار الفائدة.

وفي ظل تلك المتغيرات بدأت البنوك العاملة في السوق المصرفية المصرية في خفض أسعار الفائدة مع بداية ظهور مؤشرات انخفضاض معدلات التضخم في الانخفاض وبدء تفاعل السوق مع هذا الاتجاه.

ويعد معيار الملاءة المالية للبنوك من العوامل المهمة التي تؤثر على قرار البنوك بشأن خفض الفائدة، حيث قد تضطر بعض البنوك إلى تعديل أسعار الفائدة في حالة اقتراب هذه النسبة من الحدود القانونية أو تجاوزها.

فعلى الجانب المحلي، تفيد المؤشرات الأولية للربعين الثالث والرابع من العام الماضي 2024 باستمرارية تعافي النشاط الاقتصادي، مع تسارع وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مقارنة بالربع الثاني من عام 2024، ومع ذلك، يظل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أقل من طاقته القصوى، مما يدعم الانخفاض المتوقع في التضخم خلال عام 2025، ومن المتوقع أن يحقق طاقته القصوى بنهاية السنة المالية 2025/2026، وفيما يتعلق بالأجور، لا تزال الضغوط التضخمية الناجمة عنها محدودة في ظل ضعف معدل النمو الحقيقي للأجور.

وعلى الجانب العالمي، فبعد عامين من الارتفاع الحاد في معدلات التضخم عالميًّا، بدأ التضخم في الاقتصادات المتقدمة والناشئة في التراجع، وإن كان لا يزال أعلى من معدلاته المستهدفة.

وبالمثل، بدأ معدل التضخم العام في مصر في التراجع خلال الآونة الأخيرة، ومن المتوقع أن ينزل لتحت مستوى الـ 22% في الربع الأول من عام 2025 في المتوسط، متخطيًّا بذلك المعدل المستهدف للبنك المركزي البالغ 7% (± 2 نقطة مئوية).

ويرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية المحلية والعالمية خلال الفترة 2022 -2024، من أهمها: تراكم الاختلالات الخارجية نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية خلال عام 2021، والتضخم المستورد، وتخارج استثمارات حافظة الأوراق المالية عقب اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، إضافة لصدمات العرض المحلية وعدم ترسيخ توقعات التضخم، وأخيرًا إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة بهدف التشديد المالي ووضع الدين على مسار نزولي.

وقد أدت هذه التطورات مع تحركات سعر الصرف إلى تخطي التضخم معدله المستهدف، إذ بلغ المعدل السنوي للتضخم العام ذروته عند 38.0% في سبتمبر 2023 قبل انخفاضه إلى 25.5% في نوفمبر 2024. فيما سجل معدل التغير الشهري في الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر، الذي أعلنه اليوم الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، 1.5% في يناير 2025 مقابل 1.6% في يناير 2024، و0.2% في ديسمبر 2024، وعلى أساس سنوي، سجل معدل التضخم العام للحضر 24.0% في يناير 2025 مقابل 24.1% في ديسمبر 2024. وسجل معدل التغير الشهري في الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، الذي يعده البنك المركزي المصري، 1.7% في يناير 2025 مقابل 2.2% في يناير 2024 و0.9% في ديسمبر 2024، وعلى أساس سنوي، سجل معدل التضخم الأساسي 22.6% في يناير 2025 مقابل 23.2% في ديسمبر 2024.

لذا فإنه من المتوقع أن تشهد معدلات الفائدة انخفاضًا كبيرًا يتراوح ما بين 6 إلي8% خلال العام الحالي ولكن يبقى التساؤل: عن متى يبدأ البنك المركزي في التخفيض؟ وهل ينتظر قبل اتخاذ ذلك القرار خوفًا من تخارج المستثمرين الأجانب من استثماراتهم في أدوات الدين التي تصدرها الحكومة المصرية؟ على كل حال فإن الانخفاض في أسعار الفائدة خلال هذا العام أصبح قاب قوسين أو أدني ولن يفرق كثيرًا اتخاذ القرار خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية أو الانتظار للاجتماع الذي يليه، حيث إن الاتجاه العام لمنحنى الفائدة أصبح واضحًا في اتجاه النزولي خلال العام الحالي، وهو ما سيكون له تأثيرات كبيرة على تنشيط الاقتصاد وإعادة دورة الاقتراض من جديد لضخ المزيد من الاستثمارات المباشرة في شرايين الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة.